الاثنين، 29 مارس 2010

العرائش عبق التاريخ يتحدث


لكل مدن العالم تاريخ يشهد عن نشأتها، ومراحل صيرورتها عبر الزمن، من خلال تعاقب حقب الحضارات وما خلفته في المكان من مآثر تشهد على دلك .و للعرائش تاريخ عريق لا يمكن نسيانه أو تناسيه لكونها من أقدم المدن المغربية ، عرفت أربع حقب ( فينيقية و قرطاجية و رومانية و إسلامية ) كما تسبب موقعها الإستراتيجي " القريب من أروبا و المتواجد في الشمال الغربي من المغرب و المطل على المحيط الأطلسي " في تعرضها للغزوات الاستعمارية الأيبيرية ، هذا التعاقب الحضاري ساهم في منح المدينة العديد من المعالم التاريخية التي تعكس غنى ثقافة المدينة و التي حافظت بالخصوص على أثار الوجود الإيبيري الذي اندمج مع العمارة الإسلامية ، في حين تضل لكسوس المدينة القديمة شاهدت على عظمة فترة تاريخ المغرب القديم . كما لعبت العرائش على امتداد تاريخها و علاقتها بالمناطق المجاورة لشمال المغرب و الأندلس دورا بارزا حيث تتمتع بخصائص مماثلة سواء من حيث الأصل أو من حيث التطور .و على اثر الانحطاط و الاندثار لمدينة لكسوس الأثرية خلال القرون الوسطى ، تم تدعيم مدينة العرائش التي كانت بمثابة مجموعة حضرية صغيرة واقع على ربوة تطل على مصب نهر اللوكوس .

الأحد، 28 مارس 2010

التواجد الإسلامي بمدينة لكسوس



إن الاستقرار بالموقع في الفترة الإسلامية, قد تبث بفضل اكتشاف مواد خزفية مؤرخة بالقرنين 13 و 14 في الأماكن التي خضعت للتنقيب وخصوصا حي المعابد, حيث كان يوجد به حي واسع لم يبق منه إلا مسجد وجزء من منزل ذي باحة .
أما البقايا فقد اختفت بسبب أفران الجير الحديثة وكذا التنقيبات الأولى التي اهتمت أساسا بالبنيات القديمة الرومانية ستختفي الحياة بتشوميس (الاسم مذكور في النصوص العربية الإسلامية ابتداءا من القرن 11م, ولا زال إلى اليوم متداول بين الأهالي كاسم لموقع ليكسوس).
ومع تأسيس العرائش التي يذكر اسمها- إن كان يعني عرائش العنب- بعناقيد العنب التي كانت تزين قديما نقود لكش الغابرة ستنتقل الحضارة إلى الضفة الأخرى من نهر لوكوس.
إن من أهم دلالات الآثار الإسلامية بليكسوس, هو أن الأبحاث الأركيولوجية أكدت وجود مسجد ذي مساحة متوسطة ومنزل ذي مواصفات المنزل الإسلامي, يدل ذلك كله على أن المسلمين بالفعل سكنوا المدينة وبعدد لا باس به, ويتضح ذلك من خلال حجم المسجد.

الآثار العلوية بمدينة العرائش ودلالاتها التاريخية.



في سنة (1173هـ/1757م) دخل المولى محمد بن عبد الله مدينة العرائش وأنزل
بها جيشا من عبيد مكناس وزاد في عمرانها وبنى بها المسجد الأعظم والسوق الصغير وحمامين هما: الحمام الكبير والحمام الصغير وأربعة أفران هي فرن القصبة وفرن السوق الداخل وفرن حومة الكبيبات وفرن باب البحر وذلك قصد تغطية مصاريف المسجد الأعظم.
وحصن المدينة ببناء صقلات وشحنها بالمدافع كما بنى بها مدرسة متصلة بالمسجد الأعظم ,واتخذ مرسى العرائش مقرا للقراصين ومركزا لصنع السفن,حيث بلغ عدد رؤساء البحرية ستين كل واحد منهم بمركبه وبحارته.
وقد شيد سيدي محمد بن عبد الله كذلك عدة فنادق من جملتها فندق زلجو, وفندق الغريسة الذي هدمه الإسبان وفتحوا مكانه الطريق التي تسمى حاليا شارع "المسيرة الخضراء" الذي يربط السوق الداخل بشارع محمد لخامس, كما بنى فندق التربيعة وفندق الجزارين وفندق القاعة وأوقف على المسجد الأعظم مساحة كبيرة من الأرض بالمكان المسمى الغديرة بضواحي المدينة تعرف بأرض مروان .
ويمكن أن نجمل أهم مراحل التطور العمراني للعرائش خلال حكم العلويين في الأتي:
بعدما تم استرجاع مدينة العرائش يوم 11 نونبر 1689م من طرف السلطان مولاي إسماعيل من الاحتلال الإسباني, عمل على إعادة المدينة بصورة طبيعة بأفراد جلبوا من المناطق المجاورة وتم إضافة أماكنه جديدة كحي الغريسة وحي باب البحر والمناطق المجاورة لشارع 2 مارس. وخلال فترة حكم السلطان سيدي محمد بن عيد الله (1757م-1790م) تم توسعة المدينة عمرانيا حيث تم إنشاء أهم معالم المدينة كالسوق الصغير والجامع الكبير ذات الطابع المغربي الإسلامي وتم تجديد مرافق عدة مثل الأسوار والمخازن وبناء دور للصناعة بحي الميناء وإضافة حي الرماة واستكمال حي باب البحر نهائيا وظهور مقرات عدة قنصليات أجنبية بالمدينة التي عرفت خلال هذه الفترة نوعا من الاستقرار والتوسع وبروز أنماط معمارية متمثلة في خلق شوارع وأزقة وبنايات على جنبات الطرق الممتدة من باب المدينة في اتجاه المنطقة المحيطة بها وأخرى داخل المنطقة المينائية.
وقد أخرج بذلك السلطان سيدي محمد بن عبد الله مدينة العرائش من النمط ألتحصيني والأسوار التي ظلت فيها مدة طويلة إلى فضاءلت أوسع, ومن خلال هذا التوسع استقرت بالمدينة جاليات صغيرة من الإسبان واليهود والبرتغاليين والفرنسيين والألمان تقيم في المناطق المجاورة بشارع 2 مارس, وقد أدى زيادة السكان المحليين إلى إضافة وبناء بعض المرافق مثل جامع الأنوار بحي القصبة وجامع الزاوية الناصرية بحي باب البحر وجامع المصباحية بحي القبيبات .
لقد وصل المولى الحسن الأول إلى العرائش ودخلها يوم 21 صفر عام 1307هـ الموافق ل 05 أكتوبر 1980م ومكث بها خمسة أيام صحبة حاشيته بالمكان المسمى الناظور فأمر ببناء فرن بطريق المرسى وحبسه على الزاوية الناصرية, ومن اهتمام هذا السلطان بالعرائش إنشاؤه عدة مشاريع اقتصادية واجتماعية مما جعل ميناءها يدخل عهدا جديدا من الرواج .
يتضح أن أهم دلالات المرافق الحيوية التي شيدها سيدي محمد بن عبد الله أنه يمكن القول إن مدينة العرائش العتيقة هي مدينة سيدي محمد بن عيد الله بامتياز, فالمعالم التي شيدها هذا السلطان متنوعة جعلت المدينة تعرف طفرة عمرانية غير مسبوقة في تاريخها ورواجا كبيرا خصوصا إذا استحضرنا سياسة الانفتاح للسلطان محمد بن عبد الله, ودور ميناء العرائش في هذه السياسة, من خلال هذا الجرد التاريخي والحضري يتضح لنا بجلاء أن العرائش خلال القرن 18 عرفت طفرة نوعية في مؤسساتها على جميع المستويات الدينية (بناء المسجد الأعظم والزوايا كالناصرية والمصباحية..) والاقتصادية (بناء سوق يضم عدد كبير من الدكاكين وساحة متصلة بباب القصبة وباب الكبيبات وباب المدينة وبها الطريق الرئيسي المؤدي مباشرة إلى الميناء عبر شارع 2 مارس الحالي) والعسكرية (زيادة في صنع المراكب وتحصين المدينة), والعرائش قد نالت النصيب الأوفر من العناية وفق سياسة الانفتاح للسلطان سيدي محمد بن عبد الله على غرار مدينة الصورية أو أكثر.

الخميس، 25 مارس 2010

تطور العرائش عبر العصور



إن مسافة ثلاث كيلومترات متقاربة جدا لذا يمكن القول إن حضارة العرائش امتداد لحضارة ليكسوس التي تعاقب عليها الفينيقيون والقرطاجيون (القرن 7 ق م – 146 ق م ), والعهد البونيقي الموريطاني, 146 ق م / 40 م والعهد الرماني (40 م / 285م) والعهد المتأخر (المسيحية والإسلام) , وبعدها انتقلت الحضارة والتمدن إلى الضفة اليسرى من نهر لوكوس, فتبدأ نواة حضرية لمدينة العرائش في موقع على أعلى نقطة من الهضبة حيث تم بناء حصون مطلة على المحيط الأطلسي لتامين مراقبة الميناء.
يقول أبو القاسم: إن العرائش أسست في صدر الإسلام ودخلها الادارسة الذين اخرجوا منها البرتغاليين الذين سبق لهم أن حتلوها سنة 222 هجرية وجعلها الادارسة مكانا للمرابطة وبنوا حصنا.
وفي القرن 12 م يؤكد الدكتور إدريس شهبون وهو أحد أساتذة التاريخ في مقال غير منشور. كان يعقوب المنصور الموحدي انزل بها العرب الهلاليين الذين أطلوا عليها اسم العرائش. وتعتبر المدينة العتيقة بالعرائش فهيأتها الحالية نتيجة عدة توسعات عمرانية عرفتها المدينة انطلاقا من القرن 15 م تاريخ بناء قصبتها والقرن 19 م حيث اكتمل عمرانها على الهيأة التي توجد عليها اليوم. وقد ذكر صاحب الذخيرة في تاريخ الدولة المرينية إن القصية قد بنيت على يد يوسف بن علي قائد القوات المسلحة أيام يعقوب بن عبد الحق المريني , ويعد تخريبها من قبل النصارى أعاد المرينيون بنائها.
لقد أدى سقوط مدينة سبتة 1415م إلى سلسلة من النتائج السلبية التي أدت إلى تدهور دولة المرينيين التي أبانت عن فشلها في الدفاع عن سبتة واسترجاعها وعن عجزها عن القيام بدورها الشرعي المتمثل في حماية المسلمين بالجهاد ,فاتجه المرينيون إلى أصيلة لكن سرعان ما تخلوا عن المدينة بعد أن تمكن الايبيريون من احتلال أغلب الثغور الشمالية ( مليلية 1497م, القصر الكبير 1458م وطنجة 1470 م وأصيلة 1471م) وفرضوا حصارا ممنهجا على التجار المغاربة.
لقد ظهر الوطاسيون على أساس الجهاد لتحرير الثغور إلى أن وصولهم إلى السلطة كان مشوبا بمرارة سقوط أصيلا (وهي عاصمتهم الأولى) في يد البرتغال, فورثوا عن المرينيين نفس الوضعية (نقض المداخيل, ضعف تجهيز الجيش, عجز عن إرجاع الطرق الصحراوية إلى سابق بنشاطه وعجز عن التصدي للخطر المسيحي) أضف لذلك أن فاس العاصمة الاقتصادية لكل المغرب قد وجدت نفسها محاصرة من الشمال الذي أغلقت منافذه بعد سقوط سبتة وغيرها من الثغور ففي ظل هذه الظروف كان الوطاسيون في الشمال يبحثون عن مركز قادر على الحلول محل سبتة وكان عدد الموانئ المتبقية تحت سلطتهم قليلا من بينها العرائش المعمورة وسلا إلا أن العرائش تعتبر أقربها إلى الشمال وإلى قاس وأسهلها طريقا.
وقد توالت الهجمات البحرية على السواحل المغربية خاصة منها العرائش قصد إلحاقها بالمستعمرات الايبيرية على الساحل الأطلسي وبالأخص البرتغالية فكانت حملة المليحة
سنة 1489م بتوغلهم في واد اللوكوس ومحاولتهم إنشاء برج في جزيرة المليحة, وقد تم إجلاؤهم من طرف محمد الشيخ الوطاسي الذي رأى ضرورة تحصين القصبة بصد غارات النصارى وقد شرع في ذلك على يد ابنه محمد الناصر المعروف بالبرتغالي في نهاية القرن 15 م منذ ذلك الحين توالت عملية الجهاد البحري انطلاقا من ميناء العرائش الذي كبد الأوربيين خسائر مادية وبشرية فادحة وتعرقلت أنشطتهم التجارية في المحيط الأطلسي بفضل جهاد ثغر العرائش.
جاء في الاستقصاء للناصري أن المؤرخ الاسباني منويل قال بأن محمد المسلوخ حينما ذهب إلى لشبونة عاصمة البرتغال, استنجد بالطاغية "سبستيان" ضد عمه عبد المالك السعدي وأخيه أحمد, وقبل سبستيان ذلك وذهب عند خاله طاغية الإسبان "فليب
الثاني" يطلب منه الإعانة على ما هو بصدده فوعده بان يعطيه من المراكب والعساكر ما يكفيه على شرط القيام بامتلاك ثغر العرائش لأنه كان يرى احتلاله يعادل احتلال سائر مراسي المغرب, وكان العامل على العرائش إذ ذلك من قبل السلطان عبد المالك السعدي هو السيد احمد بن موسى الذي حضر معركة وادي المخازن وكان احد القواد الخمسة الذين قادوا المعركة.
ويمكن القول أن المكانة الإستراتيجية التي أضحت مدينة العرائش تحتلها خلال القرن 16 م , دفعت بملك البرتغال سبستيان وبدعم من الكنيسة الأوروبية يتشجع في اقتحام ألاف المسحيين في واقعة واد المخازن وفق إستراتيجية السيطرة على القصر الكبير حيث يوجد أنصر حليفة المتوكل ثم الذهاب عن طريق البر إلى العرائش لاحتلالها لكن حدث في واقعة واد المخازن لم يكن في حسبان المتحمس سبستيان والخائن المتوكل, فكانت صاعقتهم على ضفاف ملتقى نهر لوكوس ووادي المخازن يقول محمد الصغير الافراني في حق معركة وادي المخازن "هذه الغزوة من الغزوات العظيمة والوقائع الشهيرة حضرها جم غفير من أولياء الله تعالى, حتى أنها أشيه شيء بغزوة بدر" .
واستشهد بالمعركة دفين العرائش سيدي محمد بن علي الريسوني "ضريحه بحي الكبيبات بالمدينة العتيقة ويعرف عند سكان المدينة بضريح سيدي محمد الشريف, والشيخ أبي المحاسن الفاسي القاسمي, وغيرهما من الصلحاء والمجاهدين من أهل المدينة.
وبعد المعركة حيث بويع أحمد المنصور الذهبي في ساحة النصر, ونظر لأهمية ثغر العرائش من الناحية الإستراتيجية سارع إلى تحصينا عظيما: حصن الفتح الكائن بحي الكبيبات مواجها للبحر وحصن النصر الكائن بحي القصبة لحماية المدينة من جهة البر وذلك سنة 1586 م ويندرج تحصين ثغر العرائش, ومدخل وادي اللكوس وذلك تحسبا لكل محاولة لاحتلال هذه المدينة من طرف القوات الايبيرية وبعد وفاة السلطان أحمد المنصور الذهبي "بدا النزاع والشقاق بين أبنائه فأعلنوا الحرب على بعضهم فاستعان الشيخ المأمون في نونبر 1610م بالإسبان فسلمهم مدينة العرائش مقابل المال والرجال لمواجهة أخيه زيدان. وكان حدث التسليم هذا بمثابة صاعقة نزلت على الشعب المغربي برمته, فكثرت مظاهر السخط والاستنكار لأن ضياع العرائش لم يكن غلبة ولا قهرا فيكون لمن ضيعها عذر وإنما جاء بفعل الخيانة العظمى من الأمين عليها, ولكن تسليمه لها كان بداية شرارة تأججت واكتسحت في طريقها ما بقي من أنقاض الدولة السعدية, فمباشرة بعد الحادثة ثار أبو محلى في الجنوب أما العياشي فقد جعل تحرير العرائش في مقدمة اهتماماته, وكذلك فعل الدلائيون, والأهم من هذا كله هو أن المأمون لم يهنأ بفعله فقد اغتيل على يد أحد أبناء هذه المنطقة وهو المقدم أبو الليف, ومن أبرز المجاهدين الذين أبوا البلاء الحسن في محاولة تحرير العرائش وسائل الثغور المغربية المحتلة كان المجاهد "محمد بن احمد الزياني العياشي".
وفي عهد المولى إسماعيل كان حصار العرائش بقيادة علي بن عبد الله الريفي وذلك يوم 19 غشت 1689م حيث دام الحصر ثلاثة أشهر ونصف إلى أن تم الفتح يوم الأربعاء 18 محرم 1101هـ/1689م وكان الفتح مصدر فرصة وسرور للمغاربة وقد أعطى المولى إسماعيل, اهتماما لمدينة العرائش بعد فتحها حيث اتخذها كموقع استراتيجي ساحلي بشمالي المغرب وتجلى ذلك بإنشاء قصر الباشا وهي عبارة عن إقامة مخزنية للقائد أحمد بن جدو الريفي وعمر العرائش بألف وخمسمائة جندي من جيش مكناس وحصنها وعزز الميناء وبنى مدرسة وسوقا, وبعد وفاة المولى إسماعيل سنة 1727م, انشغل أبناؤه بقضية النزاع حول الملك وبقي الأمر على تلك الحال ثلاثين سنة. إلى اعتلى عرش الدولة المغربية السلطان سيدي محمد بن عبد الله سنة 1757م الذي بدوره اهتم اهتماما كبيرا بالمن الساحلية والعلاقات الخارجية ومن بين المدن الثغرية التي حظيت باهتماماته الواسعة العرائش حيث أنزل بها جيشا من عبيد مكناس وزاد من عمرانها ودعم جهازها الدفاعي خصوصا بعدما تعرضت للحملة الفرنسية سنة 1179هـ /1765 م والتي فشلت بفضل المقاومة العرائشية وأحوازها وصارت من أهم الثغور وأعمرها في عهد هذا السلطان, وفي سنة 1830 قامت القوات النمساوية بقنبلة المدينة وأمام المغاربة تراجعت القوات الغزية وفرت تاركة ورائها 43 قتيلا وعددا من الأسرى17 .
وقد أعطت معركة تطوان سنة 1860م الفرصة للقوات الإسبانية لقصف العرائش مرة أخرى.
وفي سنة 1911 م تم إنزال إسباني جديد مفتتحة بذلك عهد الحماية الاسبانية على شمال المملكة التي انتهت باستقلال المغرب سنة 1956م.
وما كان من الاسبانيين إلا أن جعلوا من ثغر العرائش مركزا حربيا تمون منه جيوش الاحتلال التي كانت تقابل في غربي شمال المغرب وتلتقي بجيوش أخرى كانت تخرج من مدينة سبتة ففي هذين المركزين كانت الجيوش الإسبانية تضع الخطط والتدابير, ورغم أن عاصمة هذه المنطقة هي تطوان وبها يتواجد الخليفة السلطاني والمقيم العام فإن العرائش كانت هي العاصمة الاقتصادية لهذه المنطقة اعتبارا للرواج الكبير الذي يغرفه ميناؤها ونظرا لكون العرائش تقترن بذكريات عظيمة مما جعلها تصبح مقرا للقيادة العليا للجيش, ونظرا لأهمية المدينة وموقعها الإستراتيجي فقد عرفت عدة إصلاحات وشهدت تطورا عمرانيا متدرجا خارج الأسوار, ويتضح ذلك جليا من خلال تصميم شارع محمد الخامس وشارع محمد الزرقطوني الحاليين وفي 1918 ستزود العرائش بالماء الشروب من مستودع سخسوخ (يبعد عن العرائش بحوالي 10 كيلومترات) وفي هذا التاريخ تم إنشاء خط للسكة الحديدية يربط العرائش بالشبكة العامة بالمغرب عن طريق القصر الكبير . كما بنيت بها مؤسسات مدينة وعسكرية بعضها لا يزال يشغل نفس المهمة منذ عهد الحماية الاسباني إلى اليوم.

الاثنين، 22 مارس 2010

نشأة العرائش



يذهب كثير من المؤرخين إلى أنه قبل تأسيس ليكسوس وجدت مدينة تعود إلى العصر القديم, وقد كانت في نفس الموقع الحالي لمدينة العرائش, حيث يرى المؤرخ بلين الشيخ (القرن الأول م) "أن هذه المدينة كانت تسمى ليسا, ويرى "تيسو" نفس الرأي ويعطيها اسما أخر هو ليكسوس ليبيا, حيث توجد أسطورة حدائق الهيسبريديس, وفي سنة 789 م أطلق اسم العرائش على هذه الأبنية.
وقد ورد في نص للرحلة "سكيلاكس" وذلك سنة 355 ق م . فبعد أن نعت هذا الأخير المدينة لكسوس بالمستعمرة الفينيقية يستطرد بالقول أنه بالقرب منها فيما وراء نهر لوكوس, توجد مدينة ليبية تتوفر على ميناء . وبالرغم من كون سكيلاس "كان دقيقا في تحديد مواقع المدن التي يتكلم عنها إلا أنه لا يمكن الجزم بإشارة هاته على أنها
العرائش الحالية, ما دامت الأبحاث الأركيولوجية لم تمدنا إلى حد الساعة بمعطيات أثرية
تعود لفترة ما قبل الإسلام, مع كل ذلك فإن فرضية وجود استقرار بشري بالموقع الحالي للعرائش منذ فترة قديمة, تبقى محتملة وواردة هذا إذا نظرنا إلى قرب الموقع من المدينة ليكسوس بالإضافة إلى موضعه المتميز على المحيط الأطلسي ووادي اللكوس.
أما إذا قمنا بدراسة وقراءة المصادر الجغرافية التي تعود إلى الفترة الوسيطية, نجدها تظم معلومات حول "شوميس" وهي التسمية التي نعتت بها, ولا يزال موقع لكسوس خلال الفترة الإسلامية أكثر مما يتطرقون إلى موقع العرائش. فابن حوقل (القرن 10م) والبكري (القرن 11م) والادريسي (القرن 12م) تحدثوا عن شوميس ووصفوها بالمدينة الأهلة بالسكان وبجمالها الطبيعي الغني بموارده المائية ونشاطه الرعوي, وتنوع أشجاره وعن سكانه الأمازيغ. وهذا لنقص من المعلومات التاريخية حول تأسيس مدينة العرائش حول المجال أمام العديد من الدارسين والباحثين ليدلوا بفرضيات عديدة حول تأسيس مدينة العرائش حرك المجال أمام العديد من الدارسين والباحثين ليدلوا بفرضيات عديدة حول تأسيس المدينة, فأبو القاسم الزياني الذي عاش في القرن الثامن عشر م. يذكر في رحلة أن مدينة
أسسها الناصري البردقيز عام 223 هـ . أما "إليه العرائش أسست في الإسلام,
دو لبرمولي" في دراسته الوصفية لمجموعة من الموانئ المغربية يذهب إلى أن العرائش تأسست خلال السنوات الأولى من القرن 12 م من طرف قبيلة بني عروش .
في حسن عرض ابن أبي زرع في كتابه " روض القرطاس" أن العرائش كانت تابعة
لحكم يحيى بن إدريس. ذلك سنة 828م "هو الأمير محمد بن الإمام إدريس بن عبد الله بن حسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (ض) لما ولي قسم المغرب بين إخوته... وولي أخاه يحيى مدينة البصرة ومدينة أصيلة ومدينة العرائش إلى بلاد ورغة" . وهذا يعطينا فرضية بأن العرائش كانت موجودة قبل هذا التاريخ, ويفيدنا ابن زيدان في كتابه الإتحاف أن مدينة العرائش كانت تحت إمرة محمد الناصر والي قرطبة سنة 937هـ الموافق للقرن 11م .
ويعتبر الحسن الوزاني (القرن 16 م) من الجغرافيين اللذين لا مسوا إشكالية تأسيس المدينة ولم يحاول المغامرة بمدنا بتاريخ حول تأسيسها واكتفى بقوله "العرائش مدينة أسسها الأفارقة القدامى على الشاطئ المحيط, في المكان الذي يصب فيه نهر اللكوس في البحر " قال بعض المؤرخين إن العرائش من تسمية العرب ذلك أن السلطان يعقوب المنصور الموحدي أنزل الهلاليين بمكان العرائش وجعلوه قاعدة رئاستهم.
خلاصة القول إن مدينة العرائش تعتبر نموذجا للمدن المغربية التي يظل تاريخ تأسيسها غير معروف, بحيث أن الأبحاث الأركيولوجية والنصوص التاريخية لم تدلنا على تاريخ مضبوط حول التأسيس, لكنها بالرغم من ذلك ساعدتنا على التأكيد على أن الموضع عرف تعميرا منذ القرن 13 م على الأقل, وتبقى الأبحاث التاريخية والأثرية المستقبلية التي نتمنى أن تجيب من مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بنشأة العرائش.