الأحد، 28 مارس 2010

الآثار العلوية بمدينة العرائش ودلالاتها التاريخية.



في سنة (1173هـ/1757م) دخل المولى محمد بن عبد الله مدينة العرائش وأنزل
بها جيشا من عبيد مكناس وزاد في عمرانها وبنى بها المسجد الأعظم والسوق الصغير وحمامين هما: الحمام الكبير والحمام الصغير وأربعة أفران هي فرن القصبة وفرن السوق الداخل وفرن حومة الكبيبات وفرن باب البحر وذلك قصد تغطية مصاريف المسجد الأعظم.
وحصن المدينة ببناء صقلات وشحنها بالمدافع كما بنى بها مدرسة متصلة بالمسجد الأعظم ,واتخذ مرسى العرائش مقرا للقراصين ومركزا لصنع السفن,حيث بلغ عدد رؤساء البحرية ستين كل واحد منهم بمركبه وبحارته.
وقد شيد سيدي محمد بن عبد الله كذلك عدة فنادق من جملتها فندق زلجو, وفندق الغريسة الذي هدمه الإسبان وفتحوا مكانه الطريق التي تسمى حاليا شارع "المسيرة الخضراء" الذي يربط السوق الداخل بشارع محمد لخامس, كما بنى فندق التربيعة وفندق الجزارين وفندق القاعة وأوقف على المسجد الأعظم مساحة كبيرة من الأرض بالمكان المسمى الغديرة بضواحي المدينة تعرف بأرض مروان .
ويمكن أن نجمل أهم مراحل التطور العمراني للعرائش خلال حكم العلويين في الأتي:
بعدما تم استرجاع مدينة العرائش يوم 11 نونبر 1689م من طرف السلطان مولاي إسماعيل من الاحتلال الإسباني, عمل على إعادة المدينة بصورة طبيعة بأفراد جلبوا من المناطق المجاورة وتم إضافة أماكنه جديدة كحي الغريسة وحي باب البحر والمناطق المجاورة لشارع 2 مارس. وخلال فترة حكم السلطان سيدي محمد بن عيد الله (1757م-1790م) تم توسعة المدينة عمرانيا حيث تم إنشاء أهم معالم المدينة كالسوق الصغير والجامع الكبير ذات الطابع المغربي الإسلامي وتم تجديد مرافق عدة مثل الأسوار والمخازن وبناء دور للصناعة بحي الميناء وإضافة حي الرماة واستكمال حي باب البحر نهائيا وظهور مقرات عدة قنصليات أجنبية بالمدينة التي عرفت خلال هذه الفترة نوعا من الاستقرار والتوسع وبروز أنماط معمارية متمثلة في خلق شوارع وأزقة وبنايات على جنبات الطرق الممتدة من باب المدينة في اتجاه المنطقة المحيطة بها وأخرى داخل المنطقة المينائية.
وقد أخرج بذلك السلطان سيدي محمد بن عبد الله مدينة العرائش من النمط ألتحصيني والأسوار التي ظلت فيها مدة طويلة إلى فضاءلت أوسع, ومن خلال هذا التوسع استقرت بالمدينة جاليات صغيرة من الإسبان واليهود والبرتغاليين والفرنسيين والألمان تقيم في المناطق المجاورة بشارع 2 مارس, وقد أدى زيادة السكان المحليين إلى إضافة وبناء بعض المرافق مثل جامع الأنوار بحي القصبة وجامع الزاوية الناصرية بحي باب البحر وجامع المصباحية بحي القبيبات .
لقد وصل المولى الحسن الأول إلى العرائش ودخلها يوم 21 صفر عام 1307هـ الموافق ل 05 أكتوبر 1980م ومكث بها خمسة أيام صحبة حاشيته بالمكان المسمى الناظور فأمر ببناء فرن بطريق المرسى وحبسه على الزاوية الناصرية, ومن اهتمام هذا السلطان بالعرائش إنشاؤه عدة مشاريع اقتصادية واجتماعية مما جعل ميناءها يدخل عهدا جديدا من الرواج .
يتضح أن أهم دلالات المرافق الحيوية التي شيدها سيدي محمد بن عبد الله أنه يمكن القول إن مدينة العرائش العتيقة هي مدينة سيدي محمد بن عيد الله بامتياز, فالمعالم التي شيدها هذا السلطان متنوعة جعلت المدينة تعرف طفرة عمرانية غير مسبوقة في تاريخها ورواجا كبيرا خصوصا إذا استحضرنا سياسة الانفتاح للسلطان محمد بن عبد الله, ودور ميناء العرائش في هذه السياسة, من خلال هذا الجرد التاريخي والحضري يتضح لنا بجلاء أن العرائش خلال القرن 18 عرفت طفرة نوعية في مؤسساتها على جميع المستويات الدينية (بناء المسجد الأعظم والزوايا كالناصرية والمصباحية..) والاقتصادية (بناء سوق يضم عدد كبير من الدكاكين وساحة متصلة بباب القصبة وباب الكبيبات وباب المدينة وبها الطريق الرئيسي المؤدي مباشرة إلى الميناء عبر شارع 2 مارس الحالي) والعسكرية (زيادة في صنع المراكب وتحصين المدينة), والعرائش قد نالت النصيب الأوفر من العناية وفق سياسة الانفتاح للسلطان سيدي محمد بن عبد الله على غرار مدينة الصورية أو أكثر.

ليست هناك تعليقات: